من هم الذين حققوا التوحيد؟ قال صلى الله عليه وسلم (هُمُ الّذِينَ وَلاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَكْتَوُون. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ. [وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ]) فذكر أربع صفات:
* الأولى أنهم (لاَ يَسْتَرْقُونَ): ومعنى (لاَ يَسْتَرْقُونَ) لا يطلبون الرقية، والطالب للرقية في قلبه ميل للراقي حتى يرفع ما به من جهة السبب. وهذا النفي (لاَ يَسْتَرْقُونَ)؛ لأن الناس في شأن الرقية تتعلق قلوبهم جدا أكثر من تعلقهم بالطب ونحوه، فالرقية عند العرب في الجاهلية -وهكذا حال أكثر الناس- لهم تعلُّقٌ بها، فالقلب يتعلق بالراقي، ويتعلق بالرقية، وهذا ينافي كمال التوكل على الله جل جلاله.
وأما ما جاء في بعض الروايات أنهم الذين (لاَ يَرْقُون) فهذا غلط؛ لأنّ الراقي محسن إلى غيره، وهي لفظة شاذة، والصواب ما جاء في هذه الرواية من أنهم الذين (لاَ يَسْتَرْقُونَ)، يعني لا يطلبون الرقية؛ وذلك لأن طالب الرقية يكون في قلبه ميل إلى هذا الذي رقاه وإلى الرقية، ونَوْعُ تَوَكُّلٍ أو نوع استرواحٍ لهذا الذي يَرقي أو للرقية.
* قال (وَلاَ يَكْتَوُون): والكيُّ مكروه في أصله؛ لأن فيه تعذيبا بالنار، مع أنَّه مأذون به شرعا؛ لكن فيه كراهة. والعرب تعتقد أن الكيَّ يُحدث المقصود دائما، فلهذا تتعلق قلوبهم بالكي، فصار تعلق القلب بهذا الكي من جهة أنَّه سبب يؤثر دائما، ومعلوم أن الكيَّ يؤثر بإذن الله جل وعلا إذا اجتمعت الأسباب وانتفت الموانع. فالنفي لأجل أن في الكيِّ بخصوصه ما يتعلق الناس به من أجله.
* قال (وَلاَ يَتَطَيّرُونَ): والطِّيَرَة شيء يعرض على القلب من جرَّاء شيء يحدث أمامه، إما أن يجعله يُقدم على أمرٍ، أو أن يُحجم عنه، وهذه صفة من لم يكن التوكل في قلبه عظيما.
* قال بعدها (وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ): وهي جامعة للصفات السابقة.
هذه الصفات لا يُعنى بذكرها أن الذين حققوا التوحيد لا يباشرون الأسباب، كما فهمه بعضهم من أن تحقيق التوحيد أو أن الكمال أن لا يباشر سببا البتة، أو أن لا يتداوى البتة، هذا غلط؛ لأن النبي ( رُقِيَ عليه الصلاة والسلام، ولأنه عليه الصلاة والسلام تداوى، وأمر بالتداوى، وأمر أيضا الصحابة بأن يكتوي ونحو ذلك، فليس فيه أن أولئك لا يباشرون الأسباب مطلقا، أو لا يباشرون الدواء، إنما فيها ذكر هذه الثلاث بخصوصها؛ لأنها يكثر تعلق القلب والتفاته إلى الراقي أو الكي أو الكاوي أو إلى التطير، ففيها إنقاص من التوكل.
أما التداوي فهو مشروع، إمّا واجب أو مستحب، وفي بعض الأحوال يكون مباحا، وقد قال النبي ( «تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام»، المقصود من هذا أن التداوي فعلاً، يعني أن يفعل التداوي وأن يطلب الدواء، ليس خارما لتحقيق التوحيد؛ ولكن الذي هو من صفة أهل تحقيق التوحيد أنهم لا يسترقون -بخصوص الرقية-، ولا يكتوون -بخصوص الكيّ-، ولا يتطيرون، وأمّا ما عدا ذلك مما أُذِن به فلا يدخل فيما يختصّ به أهل تحقيق التوحيد.
فإذن يكون الأظهر عندي؛ مما في هذا الحديث أنه مخصوص بهذه الثلاثة (لاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَكْتَوُون. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ)، أمّا الأسباب الأخرى المأذون بها فلا تدخل في صفة الذين حققوا التوحيد.
**صالح بن عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم**
* الأولى أنهم (لاَ يَسْتَرْقُونَ): ومعنى (لاَ يَسْتَرْقُونَ) لا يطلبون الرقية، والطالب للرقية في قلبه ميل للراقي حتى يرفع ما به من جهة السبب. وهذا النفي (لاَ يَسْتَرْقُونَ)؛ لأن الناس في شأن الرقية تتعلق قلوبهم جدا أكثر من تعلقهم بالطب ونحوه، فالرقية عند العرب في الجاهلية -وهكذا حال أكثر الناس- لهم تعلُّقٌ بها، فالقلب يتعلق بالراقي، ويتعلق بالرقية، وهذا ينافي كمال التوكل على الله جل جلاله.
وأما ما جاء في بعض الروايات أنهم الذين (لاَ يَرْقُون) فهذا غلط؛ لأنّ الراقي محسن إلى غيره، وهي لفظة شاذة، والصواب ما جاء في هذه الرواية من أنهم الذين (لاَ يَسْتَرْقُونَ)، يعني لا يطلبون الرقية؛ وذلك لأن طالب الرقية يكون في قلبه ميل إلى هذا الذي رقاه وإلى الرقية، ونَوْعُ تَوَكُّلٍ أو نوع استرواحٍ لهذا الذي يَرقي أو للرقية.
* قال (وَلاَ يَكْتَوُون): والكيُّ مكروه في أصله؛ لأن فيه تعذيبا بالنار، مع أنَّه مأذون به شرعا؛ لكن فيه كراهة. والعرب تعتقد أن الكيَّ يُحدث المقصود دائما، فلهذا تتعلق قلوبهم بالكي، فصار تعلق القلب بهذا الكي من جهة أنَّه سبب يؤثر دائما، ومعلوم أن الكيَّ يؤثر بإذن الله جل وعلا إذا اجتمعت الأسباب وانتفت الموانع. فالنفي لأجل أن في الكيِّ بخصوصه ما يتعلق الناس به من أجله.
* قال (وَلاَ يَتَطَيّرُونَ): والطِّيَرَة شيء يعرض على القلب من جرَّاء شيء يحدث أمامه، إما أن يجعله يُقدم على أمرٍ، أو أن يُحجم عنه، وهذه صفة من لم يكن التوكل في قلبه عظيما.
* قال بعدها (وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ): وهي جامعة للصفات السابقة.
هذه الصفات لا يُعنى بذكرها أن الذين حققوا التوحيد لا يباشرون الأسباب، كما فهمه بعضهم من أن تحقيق التوحيد أو أن الكمال أن لا يباشر سببا البتة، أو أن لا يتداوى البتة، هذا غلط؛ لأن النبي ( رُقِيَ عليه الصلاة والسلام، ولأنه عليه الصلاة والسلام تداوى، وأمر بالتداوى، وأمر أيضا الصحابة بأن يكتوي ونحو ذلك، فليس فيه أن أولئك لا يباشرون الأسباب مطلقا، أو لا يباشرون الدواء، إنما فيها ذكر هذه الثلاث بخصوصها؛ لأنها يكثر تعلق القلب والتفاته إلى الراقي أو الكي أو الكاوي أو إلى التطير، ففيها إنقاص من التوكل.
أما التداوي فهو مشروع، إمّا واجب أو مستحب، وفي بعض الأحوال يكون مباحا، وقد قال النبي ( «تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام»، المقصود من هذا أن التداوي فعلاً، يعني أن يفعل التداوي وأن يطلب الدواء، ليس خارما لتحقيق التوحيد؛ ولكن الذي هو من صفة أهل تحقيق التوحيد أنهم لا يسترقون -بخصوص الرقية-، ولا يكتوون -بخصوص الكيّ-، ولا يتطيرون، وأمّا ما عدا ذلك مما أُذِن به فلا يدخل فيما يختصّ به أهل تحقيق التوحيد.
فإذن يكون الأظهر عندي؛ مما في هذا الحديث أنه مخصوص بهذه الثلاثة (لاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَكْتَوُون. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ)، أمّا الأسباب الأخرى المأذون بها فلا تدخل في صفة الذين حققوا التوحيد.
**صالح بن عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم**
السبت مايو 07, 2016 12:11 pm من طرف علواني أحمد
» القصر المهجور
السبت مايو 07, 2016 12:09 pm من طرف علواني أحمد
» احتفلنا فهل يحتفلون
الأربعاء سبتمبر 02, 2015 12:57 am من طرف علواني أحمد
» سؤال في النحو
الجمعة أبريل 04, 2014 1:34 pm من طرف المشرف
» مجموعة من المصاحف الكاملة لعدد من القراء بروابط تحميل مباشرة
الثلاثاء نوفمبر 27, 2012 6:26 pm من طرف aboomar
» انصر نبيك يامسلم
الإثنين نوفمبر 19, 2012 2:13 pm من طرف أهل تارمونت
» برنامج حجب المواقع الاباحية مع الشرح (منقول)
الجمعة أغسطس 10, 2012 1:47 am من طرف allal.ali6
» الدين النصيحة
السبت يوليو 28, 2012 9:32 pm من طرف aboomar
» البصيرة في حال المدعوين وكيفية دعوتهم
السبت يوليو 28, 2012 9:27 pm من طرف aboomar